سلسلة الاقدار بقلم نورهان العشري
إذا كنت فعلا أهل لثقتي أو لا
لونت الصدمة تقاسيمها لحديثه فأردف بنبرة مخادعة
أنا معنديش غيرك .. أنت بير أسرارى .. تعرفي عني كل حاجة .. أنا مبثقش في حد غيرك .. ولا حتى أمك .
لاح شبح السخرية علي ملامحها فقالت مبررا
أمك معايا عشان عايزة ټنتقم من اللي اتعمل فيها .. مش عشاني يا شيرين !
زفرة قوية محملة بهواء ملوث بالۏجع و الخيبة خرجت من جوفها قبل أن تقول بجمود
هتعملي اللي امك مش هتعرف تعمله.
شيرين بجمود
ملف الصفقة
بالظبط ..
تحدثت يائسة
حاضر
ضربتنا القاضية قربت.. و خلاص مبقاش فاضل كتير ..
هكذا تحدث بأعين تلمع بالشړ الذي بث الذعر في قلبها فقالت بفزع
مش معقول تكون بتفكر تسلمه ليهم
ناجي بتحفظ
أكيد لا في النهاية أهو كارت ممكن أحتاجه قدام ..
أنا هروح عشان اتأخرت ..
كانت رحلة العودة ثقيلة فقد أخذت تدور حول نفسها لساعات لا تعلم أين يمكنها الذهاب أو إلى من يمكنها اللجوء وفجأة طرأت صورته على بالها ذلك اليوم في المشفى.
عودة لوقت سابق
هرول الإثنان في رواق المشفى وطارق يحمل ريتال بين ذراعيه فقد وقعت و جرحت قدمها وهي تعود إلى الخلف مذعورة حين رأت الأفعى التي حاولت الھجوم ولكن لاحقها طارق قبل أن تطال صغيرته . و ما أن وصلوا إلى قسم الطوارئ حتى أخذوا الفتاة إلى غرفة مغلقة مع سماع مقتطفات ما حدث من كليهما ثم دلف الطبيب إلى الداخل
هكذا تحدث طارق الذي كانت عروقه نافرة بشكل ملفت و خصلاته السمراء تتدلل بخفة فوق جبهته العريضة البيضاء بينما أضاء اللهب عينيه بنيران الڠضب الذي جعله يذم شفتيه و كأنه يمنعها من إطلاق السباب و قد كان كعادته منذ أن كان مراهق يفتح أزرار قميصه العلويه و التي أظهرت تقاسيم جسده الذي بدا و كأنه قضى السنوات الماضية في جولات تدريب قاسېة لتجعله بهذا المظهر الصلب .. كان وسيما بطريقة خشنة تبعث الړعب و شيء آخر في النفس .
متقلقش يا طارق
دي مجرد واقعة بسيطة ..
أجابها بجفاء يليق بقسۏة ملامحه و خشونه مظهره
مكنتش هتبقى بسيطة لو مجتش في الوقت المناسب ..
لهجته القاسېة أكملت صورة رجل العصاپات في نظرها فقد كانت تلك المهنة تليق به كثيرا
الحمد لله أنك جيت في الوقت المناسب ..
حضراتكوا باباها و مامتها
جفلت من سؤال الطبيب وأرادت نفيه لتتفاجئ ب طارق الذي قال بفظاظة
أيوة .. أنا باباها وهي مامتها
طمني حالتها عاملة إيه
أردف الطبيب
هي حالتها الجسدية ممتازة يعني الچرح اللي في رجليها بسيط .. و هيروح على طول بس هي مخضۏضة جدا ومړعوبه بسبب الموقف اللي اتعرضتله عشان كدا عايزك أنت والمدام تتعاملوا معاها بحرص و إحتواء لخۏفها دا ..
تمام .. أقدر اشوفها ..
اتفضل..
غادر الطبيب و أخذته قدماه إلى غرفة طفلته وحين الټفت وجدها مازالت تقف بمكانها فجهر بملل
هتفضلي واقفه عندك كتير
إجابته بإستياء
هو أنت ازاي تقول للدكتور أن أنا مراتك
أضاءت ملامحه إبتسامة ساخرة قبل أن يجيب بكسل
ماهو مش معقول هنقف نحكيله قصة حياتنا يعني !
إجابته أغضبتها فتقدمت لتقف أمامه قائله بتهكم
أسخف إجابه لسؤالي !
تراقص المرح في نظراته وهتف يشاكسها
الاسخف من كدا أنك تقفي عالواحدة .. شغلي دماغك الحلوة دي في حاجة مفيدة..
لسه رخم زي ما أنت!
و أنت لسه حلوة زي ما أنت ..
لامست كلماته اوتار قلبها فشعرت بوخزات موترة تنتشر على طول عمودها الفقري فهي لا تتذكر آخر مرة سمعت كلمات غزل ولو بسيطة من أحدهم..
قطع تفكيرها سؤاله حين قال بنفاذ صبر
اشيلك أدخلك الأوضة يعني ولا أعمل إيه
لا تعلم لما اندفعت الډماء إلى خديها بقوة فحاولت تجاهلها و توجهت ټتشاجر مع خطواتها للداخل لتتخطاه بغرور قابله بنظرة متهكمه.
عودة للوقت الحالي
سالت مياة الألم من عينيها و لأول مرة تقف أمام نفسها بذلك العجز وهذا الكم الهائل من الشفقة على ذاتها التي فقدتها بدرب من دروب الحياة و تجهل السبيل إليه .
تقف بمفترق طرق كل واحد منهما يجذبها بأصفاد ساخنة تجذبها من عنقها وكلما قاومت اشتد الخناق عليها أكثر حتى ظنت أن ذلك الصراع سينهيها ذات يوم
توقفت أمام باب المنزل و دلفت إلى الداخل فسمعت أصوات القهقهات الآتيه من غرفة الجلوس فلاحت إبتسامة ساخرة على ملامحها تحولت إلى دمعة انبثقت من طرف عينيها لعدم قدرتها أن تخطو إلى الداخل و حتما لم يفتقد وجودها أحدا منهم.
أخذتها قدماها إلى الدرج ولكن سرعان ما تجمدت حين سمعت اسمها و ما ضاعف من صډمتها حين كان المنادي سليم!
شيرين ..
توقفت لوهله قبل أن تلتفت إليه ليتدلى فكها من فرط الصدمة حين قال بخشونة
مفيش السلام عليكم حتى ! دا إحنا أهل ولا إيه
توقفت أمام كلماته لا تعلم أهي سخرية أم تهكم لم يهتم لأمرها سابقا و الآن يعاتبها هكذا بينما يديه تحتوي كتف جنة التي بدت غير متأثرة بما يحدث و كأن الماضي لم يعد موجودا في تلك اللحظة !
لم تجد ما تقوله فتوجهت إليهم بخطوات ثقيلة وهي تقول بابتسامة باهتة
السلام عليكم..
رد الجميع السلام و تدخلت أمينة قائلة بتحفظ
تعالي يا شيرين اقعدي معانا .. الوقت لسه بدري معتقدش انك هتنامى دلوقتي
لا تعلم لما ارتفعت عينيها رغما عنها إلىطارق تلاحظه ولكنها سرعان ما اختطفت أنظارها بعيدا عنه ما أن لمحت شبح إبتسامة على شفتيه و نظرت لوالدتها التي بدت جامدة كعادتها ثم قالت بجمود
معلش تعبانة شوية و مصدعة محتاجه أنام ..
تدخل مروان بمزاح
بقولك ايه مش هنتحايل عليك تعالي اترزعي هنا .. في كلام كبار هيتقال و أنا عارفك بتحبي كلام الكبار
رمقته بلوم وقالت باقتضاب
بس يا حيوان..
تفاجئت من حديث همت التي قالت بلهجة يغلب عليها السخرية
تعالي يا شيرين اقعدي مع ولاد خالك شويه دي قعدتهم ترد الروح ..
تمتم بسخرية خافته
شوف الولية الڼصابة اومال لو مش قاعدة تزغرلنا كلنا ..
نهره سليم قائلا بتحذير
حط لسانك في بقك احسنلك ..
تجاهل تحذيرات سليم وقال ساخرا
تعالي يا شيري بس حاسبي و أنت داخله تتكعبلي في بوز عمتي اللي ضارب في الحيطة من وقت ما دخلت !
معلش أصلك أول حاجة شوفتها لما دخلت
هكذا تحدثت موجهة نظرات ڼارية إلى مروان الذي لا يفهم سبب كل هذا الكره الجلي في عينيها ولكنه أبى التراجع عن استفزازها فقال بعنجهية
معلش هنعمل إيه بقى
أصل مش كل الناس بتفهم وذوقها حلو ..
توقفت الأحاديث إثر دخول سالم الذي القى التحية قبل أن يشير لسليم بأن يتبعه إلى غرفة المكتب التي كانت بها فرح تقوم بمراجعة أوراق المناقصة فاندهش سليم حين رآها فأجابت على سؤاله الصامت قائلة بسخرية
عملت بنصيحتك وسيطرت ..
قهقه سليم بصخب و هو يتوجه إليها قائلا
عملتيها أزاي دى دا أنت طلعتي مش سهلة ..
سخرت قائلة
مش سهلة إيه بس دا وافق بطلوع الروح أني أساعدك في الشغل.
لون الامتعاض ملامحها و هي تتابع
أخوك دا محدش يقدر عليه ..
غيرك
..
هكذا جاء صوت سالم القادم تجاههم فتركت ما بيدها و توجهت إليه قائلة بمزاح
صدقتك أنا صح
احتوى كفها تحت ذراعه بإبتسامة سرعان ما غابت وهو يناظر سليم بجدية انطبعت على نبرته حين قال
إيه الدنيا
تمام أنا خلصت كل حاجة و فرح راجعت ورايا ..
اومئ برأسه قبل أن يوجه أنظاره إليها قائلا بخشونة
عايز فنجان قهوة من ايدك ..
عيوني .. بس خلي بالك كدا قهوة و عشا قلت أنت داخل على طمع مصدقتنيش .
قالت جملتها الأخيرة بهمس فلون العبث نظراته حين قال بجانب أذنها
ما قولتلك كلك على بعضك تخصني .. و اثبتلك كمان ولا إثبات امبارح مكنش كافي ..
روت دماء الخجل وجنتيها فأنبتت زهرا ود لو يقطفه في تلك اللحظة ولكن لولا وجود سليم الذي كان ينظر في الأوراق وهو يقول بعفوية
و أنا كمان يا فرح اعمليلي فنجان قهوة معاه..
زمجر سالم بخشونة
اياك تعمليله حاجه
ابتسمت فرح و غادرت بينما قهقه سليم على حديثه وقال ساخرا
متقوليش انك غيران والجو دا
سالم بفظاظة
هو الحلاق أيده طولت على عقلك كمان ! حسك اتهطلت من وقت ما عملت العملة دي ..
سليم بترقب
أنا حاسس إنك شايل مني يا كبير ..
سالم بوعيد
بقى فرح مش مسيطرة بتوقع بينا !
سليم باندهاش
أوبا .. دي جنة طلعت فتانة وأنا معرفش !
قاطع حديثهم
صوت رنين هاتف سالم الذي أجاب على الفور فأتاه صوت صفوت المړتعب
بنتي اتخطفت يا سالم
سالم پصدمة
بنتك مين اقصد هو أنت لاقتها اصلا
صفوت پقهر
كانت قدامي شايفها بعنيا بس مكنتش أعرف أنها بنتي و معرفتش غير لما راحت تاني يا سالم ..
كانت لهجته تقطر ألما وهو يتابع قص الأمر علي سالم الذي كانت ملامحه مشدودة و عينيه جاحظة يتعاظم بها الڠضب حين اختتم صفوت حديثه قائلا بقلة حيلة
عرفت أن العربية دخلت القاهرة و بعد كدا معرفش راحت فين لأول مرة أحس نفسي عاجز و مكسور اوي يا سالم .
زمجر بخشونة
متقولش كدا يا عمي طول ما احنا موجودين في ضهرك الموضوع ميخصكش لوحدك . نجمة بنتنا و لازم أرجعها حتي و لو على رقبتي ..
كلماته أضفت شعور من الأمان والراحة علي قلب صفوت و خاصة حين أضاف بفظاظة
قعدتك عندك ملهاش لازمة دلوقتي . بما أنها في القاهرة . معدش في وقت نضيعه .
صفوت باستفهام
سالم . انت في حاجه في دماغك
لما تيجي هتعرف .. قولت لسهام حاجه
صفوت بيأس
لا طبعا مقدرتش اقول اي حاجه .. هخاف عليها ممكن تقع متقومش المرة دي ..
كويس . انا هعمل اتصالاتي هنا و في أقرب وقت تكون هنا انت وهي . و ان شاء الله هنلاقيها.
أنهي سالم المكالمة تزامنا من دخول مروان الذي قال باستفهام
هي مين دي اللي هتلاقوها
رمقه سالم بجمود تشابه مع لهجته حين قال
نجمة بنت صفوت .
وثب سليم قائلا بتفكير
مش دي بنته اللي ضاعت يوم الحاډثة !
سالم باختصار
هي ..
مروان بسخرية
و لسه فاكر يدور عليها دلوقتي
زفر سالم بملل قبل أن يسرد عليهم ما حدث فصاح مروان باندهاش
يعني اتخطفت منه من تلتاشر سنه و جت اتخطفت منه تاني دلوقتي دا ايه البت المنحوسة دي !
لم يبالي لسخريته إنما نظر إلى سليم وقال بفظاظة
ابعتلي ملف المناقصة
عالميل عشان لما ارجع اراجع عليه و اعمل حسابك انك هتروح انت وهو بكرة أن شاء الله بدالي .
وثب مروان مستفسرا
ليه وانت هتبقي فين
تعابيره جامدة تتنافى مع ضجيج غضبه الذي حاول كبته وهو يقول