رواية شيماء الفصل الرابع
كدا
ابتسمت وهزت رأسها تؤكد معرفته بالاسم ثم أردفت _
آه نيرة كان قصدك إيه بقا بالفرق بينا
نظر إليها يقول بهدوء بعدما أوقف السيارة بعيد عن بوابة قصر خالها _
اقصد هي رقيقة جدا و مسالمة كدا اعتقد متعلقة بيك كأنها بنتك مش أخت صغيرة
رفعت حاجبها و قد شق ثغرها ابتسامه صغيرة ثم سألته بترقب واضح _
ابتسم لها ثم قال بمكر متعمدا هذا السؤال _
يهمك أنا شايفك إزاي
ضحكت بخفة و رفعت يدها تضع أناملها فوق شفتيها تكتم صوت ضحكتها ثم هزت رأسها بيأس و قالت بعبث _
أنا مبهتمش بنظرات حد ليا بس مش هكدب عليك كان عندي فضول لما قولت إني عكس نيرة
قرر مجاراة لعبتها معه واستخدام أساليبها الملتوية مما دفعه إلى الابتسام لها رافعا حاجبه و أجابها بعبث هو الآخر ثم اعتدل و بدأ يواصل سيره تجاه القصر _
رفعت حاجبها الأيسر وسألته باستنكار _
أنت بتلاعبني
مر من خلال البوابة و هو يقول بصوته الأجش الذي يتراقص داخله العبث _
أنا بوصفك بس للأسف أنت مش بتهتمي برأي حد فيك مش دا كلامك
عقدت حاجبيها و ردت بعفوية _ بس أنا قولت إن عندي فضول أعرف
رفع كتفه بلا مبالاة و أجاب بهدوء _
اتسعت عينيها تقول بدهشة _
و لما أقولك اتفضل اوصفني إيه فايدة حضرتك
تنهد و نظر إلى عينيها وقد شق ثغره تلك البسمة الخلابة قائلا بصدق _
كلامي هيلمسك لكن لو عشان أرضي فضولك هتاخدي كلامي مجاملة لو كان حلو و هتعتبريه نقد لو كان وحش
توترت نظراتها حين أطال تحديقه بها و كأن عينيه تقذفها بالسهام و حديثه الصادق بهذه اللحظة قد وقف حائرا فوق الجسر الواصل بين قلبها و عقلها بللت شفتيها و رفعت يدها تضع خصلاتها خلف أذنها و قد قررت التلاعب بمجرى هذا الحديث الذي أربكها للغاية لتوزع نظراتها بينه وبين شقيقتها و تهمس بهدوء _
غريبة الأطوار و بالغة الفتنة حين ترتبك و تتوتر نظراتها كهذه اللحظة تماما يذوب جليد عينيها كاشفة عن فتاة بريئة شديدة الخجل رغم تظاهرها بالعكس دوما اتسعت بسمته لا إراديا و أجابها بثبات _
سليم عاقل عارف هو بيعمل إيه كويس .
قاطع حديثهم طرقات خفيفة فوق الزجاج المجاور لها لتعقد حاجبيها و تضغط على زر فتح النافذة تنظر إلى سامح الذي وقف مبتسما و قال بإسلوب لبق للغاية _
انتفضت شقيقتها بفزع عاقدة حاجبيها حين تسرب إلى أنفها رائحة عطره وظنت أنها بمفردها معه ولكن اعتدلت سديم ونظرت إليها ببسمة صغيرة تقول بلطف _
يلا يانيرة عشان اطلعك واتطمن على أدويتك
عقد سامح حاجبيه و مال برأسه قليلا يراقب ملامح الفتاة لتتسع عينيه حين وجد الرباط الطبي يحيط رأسها و هرع تجاه بابها وهو يقول بفزع _
اتسعت عينيها وحدقت بشقيقتها بړعب و انكمشت إلى الداخل لتهبط سديم بسرعة وقد لاحظ آسر نظرات القلق المتبادلة بين الشقيقتين ثم هبط هو أيضا يستمع إليها تقول بإتهام وهي تغلق الباب مرة أخرى على نيرة بالداخل _
على أساس إنك متعرفش اللي حصل
أجابها بعجب و قال بصدق _ أنا وعدتك مش هراقبكم من وقت اتفاقك معايا إلا لما تطلبي مساعدتي يبقا هعرف منين
نظرت بطرف عينها إلى آسر الذي وقف يطالع ملامح وجوههم باهتمام واضح لتغمض عينيها وتتنفس بهدوء قائلة بإرهاق بعدما هبطت يدها عن الباب _
طيب على العموم هي بخير دلوقت أوعى عشان اساعدها تطلع اوضتها ترتاح
طريقة الحديث فيما بينهم مٹيرة لدهشته و كأن الجفاء يسيطر بشكل كامل على نبرتها أما شقيقتها قد خرجت من السيارة بهدوء تنظر إلى الأرض و تستند إلى سديم بيد ترتعش قليلا وكأنها تخشى هذا الرجل لكنها تعيش معه بمنزل واحد
أفاق من شروده على صوت سامح يقول رابتا فوق كتفه _
صحيح نسيت أقولك حمدلله على السلامة تعالى اتفضل لحد ما سديم تنزل
فضوله دفعه إلى الابتسام بتكلف رغم تحفظه على حركة يده و سار بجانبه يراقب ملامح المنزل من حوله وكأنه يستكشف الثراء الفاحش الذي يناقض تماما عملهما و الإجابة المنطقية الوحيدة أن هذا الرجل شديد الجشع كيف تنشأ فتاة مثلها معه يذكر أنها إلى الآن لم تحاول إعلان دفعها أجر المشفى نيابة عن السائق
جلس داخل البهو الواسع ينتظر عودتها و يحاول مجاراة ثرثرة سامح بردود مقتضبة و لاحظ سامح نظراته المعلقة بالدرج المؤدي إلى الأعلى حيث صعدت سديم و نيرة منذ قليل لذلك قال بهدوء وهو يستقيم واقفا _
بعد إذنك هطلع أتطمن على نيرة و انزل تحب تيجي معايا ونشوف سديم أخرت ليه
عرض غريب من رجل غريب الأطوار لكنه أعلن قبول عرضه و استقام واقفا يتجه معه إلى الأعلى و قد وصلا إلى غرفة نيرة و طرق سامح الباب بهدوء و كاد يدلف إلى الداخل لكن خروج سديم تضع إصبعها فوق شفتيها بنظرات تحذيرية موجهة إلى خالها كما يذكر لكن من الواضح أن العلاقة معكوسة بشكل كبير بينهما حيث أذعن سامح لها وابتعد خطوتين إلى الخلف يرفع يديه باستسلام و يهز رأسه بتفهم و هو يستمع إليها تحذره قائلة _
أنا كلمت الدكتور نيڤين وهي هتبعت كمان شوية حد يتابع أدوية نيرة محدش يقرب من اوضتها خالص ولا يصحيها ڼزفت كتير ومحتاجة ترتاح
عقد آسر حاجبيه حين وجد سامح يقول بهدوء _
ماشي يا سديم أنا كنت هشوفها بس واتطمن عليها بس خلاص لو نامت يبقا ترتاح أحسن ليها آسر قالي إنها اتخبطت وهي مع سليم أنا لو كنت اعرف إن كل دا هيحصلها مكنتش هسيبها تروح معاه
ابتسمت له وأجابت ساخرة و قد بدأت عينيها تشتعل بنيران ڠضبها منه التي كادت تحرقه وهو يقف محله مشدوه من عدم سيطرتها على شراستها أمام الغريب _
آه مانا متأكدة من دا متتصرفش في أي حاجة تخص نيرة من دماغك تاني إلا نيرة ياسامح متدخلهاش في القرف دا تاني أبدا أما مش هقبل أشوف اڼهيارها تاني دي مستحملتش مجرد نظرات من سليم ليها لما افتكرها معايا
توترت نظراته قليلا من طريقتها بالحديث خاصة حين رفعت إصبعها بوجهه و تجاهلت تواجد فرد آخر معهما يراقب ما يحدث بأعين صقر و أكملت بحدة _
أنا مش هسمحلك تفكر بس مجرد تفكير إنك تعمل من نيرة سديم تانية سامعني الكون في كفة عندي ونيرة في كفة لوحدها
رفع سامح حاجبه و قال بمكر _ و نبيلة خرجت من الكفة دي ياسديم
هبطت يدها و فجأة سيطر هذا الجليد على نظراتها و قالت ببسمة صغيرة عابثة _ خليك في كفتك ياسامح ومتلعبش معايا بنيرة تاني عشان أنا ممكن أفتح الڼار على الكفة دي في أي وقت هاا
احتدت نظراته وعقد حاجبيه لتبتسم له بهدوء و تغادر المكان يتبعها هذا المذهول مما حدث أمام عينيه و من الكلمات الغريبة الحادة التي تراشقها الطرفين و من الواضح أنها أغضبت هذا الرجل بشكل كبير حيث استمع إلى خطواته الغاضبة تأكل الأرض خلفه و صعد إلى الطابق العلوي بينما هبطا هما إلى الأسفل
تجنب الحديث معها طوال طريق العودة حيث كان يتضح عليها الضيق و الإرهاق بالرغم من حالتها الخارجية الباردة كعادتها لكنه من خبرته القليلة بها أنها حين تشتعل داخليا هكذا تصمت و تنظر بجهة بعيدة و كأنها تخشى أن يتمكن أحدهم من قراءة ڠضبها
انشغل عقله بحديثها غريب الأطوار مع خالها و اسم نبيلة الذي يتردد صداه إلى الآن داخل أذنيه هل تخشى أن تتبع شقيقتها خطواتها داخل درب الاحتيال أم أنه لم يتمكن من استيعاب ما يحدث وجه جديد وغريب أظهرته شراستها اليوم حين قررت الدفاع عن حق شقيقتها و قد نجحت بإثارة فضوله تجاه ماضيها بشكل كبير و كأن أمرها يخصه و مشهد شراستها في حقوق شقيقتها لا يغادر عقله بل يكاد يجزم أن وجهها الجديد الذي يراه لأول مرة اليوم جعله بحالة انتشاء كبيرة وكأنه يفخر بصنيعها
و حين تصرخ أجهزة الاستشعار داخلنا وتحذرنا من اقتراب لهيب قد أحرقنا يوما ما تنتفض أرواحنا و نبني أسوار حول أحبتنا في التو و الحال فنحن نخشى الألم و نخشى اللهيب و نخشى تكرار التجربة و رؤية العڈاب داخل أعين من أحببنا لكننا لا نخشى الټضحية حينها بل نفضلها
وصل إلى المنزل و أوقف السيارة لتهبط منها على الفور و تفر من أمامه بخطوات سريعة إلى الداخل لكن ما أوقفها عاقدة حاجبيها و جعله يهبط من السيارة بأعين متسعة هذا الصوت الأنثوي الذي تصاعد و ظهرت صاحبته فجأة تقول بلطف بالغ _
سيلا
استدارت تنظر إليها بهدوء و قد تعرفت عليها على الفور حين رأتها إنها هي روزاليا الكندية الماكرة
الفصل الخامس عشر تخبط
صدمة سيطرت على جسد سليم حين أنصت من خلال الشاشة إلى الحديث الدائر بين روزاليا و سديم خاصة حين أردفت المحتالة الصغيرة سديم بثقة تامة _
آسر ميعرفش حقيقتي ومش هيعرف لحد مااخلص شغلي هنا
صادقة هو لا يعلم عنها سوى القشور وأنها المحتالة المأجورة بالأموال فقط إذن هي لم تكذب في كلماتها لكنها تراوغها الآن و تتعمد صرف الأڈى عنه بتصرف عفوي نابع من قلبها حيث رأت لأول مرة نظرات الاشتعال و الكراهية تكاد تقفز من عينيه حين أدرك أن الكندية الماكرة داخل منزله بل و سوف تستقر به
كان يقف بجانب ابن عمه و يعقد حاجبيه بعدم تصديق أمام شاشة المراقبة لقد أنكرت للتو معرفته بحقيقتها هل تحاول حمل أوزاره أم تمنع عنه مكر الكندية أم أنها تخطط إلى أمر ما يجهله ماذا تفعل تلك الفتاة غريبة الأطوار جلس مشدوه يراقبها پصدمة لكنه استطاع أن ينظر إلى ابن عمه و كأنه يقول أترى فعلتها الغريبة وبادله سليم الدهشة ثم عاد يحدق بها بهدوء ظاهري
وقفت روزاليا من