رواية شيماء الفصل الثاني
انت في الصفحة 8 من 8 صفحات
تأخذ منه الدواء و بدأت تدسه بخفة بين شفتيه ثم أمسكت الكوب و وضعته فوق ثغره هامسة بلطف
يلا يا آسر !
فتح عينيه ينظر إليها و هو يرتشف المياه ثم ألقى نظرة خاطفة تجاه أخيه و ابتسم له يقول بعبث
متقلقش يلاا أنا زي الفل !
كانت سديم قد وضعت الكوب جانبا و أمسكت هاتفها الذي أعلن عن مكالمة هاتفية تقول عاقدة حاجبيها
و خرجت على الفور ليعقد آسر حاجبيه و تختفي بسمته يقول بدهشة
هي الساعة كام
أجابه أخوه و هو يجلس فوق الفراش
الساعة 5 تقريبا !
رفع حاجبه مرددا پصدمة
مين كريم اللي قفلت معاه !
هز يوسف كتفيه يقول بلامبالاة
غالبا الدكتور اللي كلمته يساعدها من شوية ! أنا كنت مركز معاك بصراحة خضتني عليك وقولتلك اقعد معاك رفضت واتعصبت علياا إيه لزمة الرياضة بالحالة دي يا آسر !
رياضة إيه يايوسف أنا جريت شوية مش أكتر مكنتش أعرف أن كل دا هيحصل !
ربت يوسف فوق كتف أخيه وابتسم
له يقول بتفهم
ولا يهمك المهم إنك أحسن شوية !
كاد آسر يتحدث لكن صاح يوسف مداعبا سديم التي دلفت في ذات اللحظة تقف عند باب الغرفة
بنت عمي اللي منغيرها نضيع كلناا إيه الجمدان دا كله بس ياسديم !
سديم اسعفتك مرتين كدا يعني بقينا مديونين ليها بروح !
ابتسم له آسر و عاد بنظراته إليها يقول بامتنان
شكرا !
نظراته الممتنة الهادئة ادهشتها هل يتقن دوره الآن لأن أخيه يجاوره أم أنه بالفعل يحترم فعلتها بالرغم أنها لا تنتظر جزاء عملها إلا أنها مبتهجة من رؤية نظرات موجهة إليها و خالية من الإزدراء داخل عينيه !!
سديم تعالي دقايق لحد ما يلبس التيشيرت بس عشان اخاڤ ألبسه لوحدي !
عادت إليه تقول بتوتر طفيف
تمام شوف عايز تعمل إيه
قاطعهم آسر يقول لاء لاء مش هلبس حاجة !
ثم أزاح الوسادة بيده السليمة من خلف ظهره وتسطح فوق الفراش يقول بإنهاك
غادرا الغرفة و همست سديم قائلة
بلاش نمشي دلوقت ممكن يسخن تاني تشرب معايا حاجه
أجابها بدهشة
مش هتنامي ولا إيه روحي ارتاحي أنا هكمل سهر عادي !
هزت رأسها بالسلب و قالت بهدوء لاء أنا نمت وصحيت من شوية كدا قولت اتمشى شوية و بعدها شوفت المنظر من برا اتشغلت معاكم بس أنا فايقة متقلقش عليا !
لو تحب تروح تنام شوية أنا هقعد كدا كدا و أول ما احس إني خلاص عاوزة انام هصحيك !
عرض شديد الإغراء هو بحاجة إلى ساعات نوم قليلة بعد قضاء يوم شاق مثل أمس رفع يده يفرك خصلاته بأنامله ثم قال بخجل طفيف
بس أنت كدا مش هتنامي و شكلي هيبقا وحش أوي قدامكوا بصراحة !
ضحكت بخفة و أجابته لأ شكلك مش وحش ولا حاجه ومتقلقش مش هقول لأي حد إنك نمت !
ابتسم لها و سار بإتجاه الغرفة الأخرى لكنه توقف فجأة يقول بصدق
أنت بقيتي طيبة أوي لما كبرتي على فكرة !
عقدت حاجبيها و سألت بتردد طفيف
هو أنا كنت مكروهه أوي زمان ولا إيه
ضحك و أجابها بتوتر
بصراحة !! كنت سخيفة و أنانية جدا !! عيلة استغلالية كداا !
ابتسمت له و قالت برغبة واضحة لإنهاء النقاش
سيبك من زمان و روح نام يلاا قبل ما اليوم الجديد يبدأ تصبح على خير
مرت ثلاث ساعات كاملة و أشرقت شمس يومها الجديد و هي جالسة ترتشف قهوتها التي صنعتها منذ قليل كانت تتفقده بين حين و آخر و دلفت تلك المرة عاقدة حاجبيها حين استمعت إلى صوت تأوه و توجهت إليه تميل بجزعها العلوي و تستند بيديها إلى ركبتيها هامسة باسمه بخفوت
آسر !!! أنت بخير حاسس پألم !!
فتح عينيه يحدق بها لحظات ثم قال بصوت خاڤت
آه كتفي !
همست بتساؤل و هي تضع يدها فوق عنقه
كتفك نفسه و لا رقبتك من ورا !
ازدرد رمقه و همس بصوت متحشرج
آه هناا !
تنهدت تقول بحزن معلش دا مكان الکدمة بس عشان وقعت راسك اتخبطت من ورا بس فيه كريم بيتحط وأنا نسيته تحب احطه
!!
حاول الاعتدال و تورد خديها و قد لاحظها و همس لها پألم
آه !! سديم هاتي المخدة من ورايا !
توترت نظراتها و رفعت خصلاتها خلف أذنها التي بدأت تصطبغ باللون الأحمر القاني و مدت ذراعها تجذب الوسادة من الخلف و تضعها خلف ظهره محاولة تجنب لمسه لكنه أحاط خصرها بذراعه فجأة حين كانت على وشك السقوط بسبب محاولتها الابتعاد عنه قدر الإمكان شهقت بفزع و اتسعت عينيها تقول بتوتر
آسفة !!!!
بدهشة و كأنها تسأله في صمت عن سر أفعاله شديدة التناقض معها ! إن كان يمقت قربها كما أخبرها أنها مجرد لعبة ! تنتهي خطته و تنتهي قصتها معها ! أدرك حديثها الصامت و لكنه
همسها باسمه و محاولتها الفاشلة بدفعه بعيدا عنها وكأنها تصبح فاتنة كلما اقتربت كلما رفعت عينيها المتسعة و نظرت إليه ببراءة هكذا يغضب من حاله و يرى فتاة أخرى تتطلع إليه و تنتظر خطواته تجاهها لكن حديثها يناقض برائتها و أفعالها تناقض صمتها و حديث عينيها الصادق يخبره أن ما يخرج من شفتيها عبارة عن سلسلة أكاذيب مزينة بثباتها الزائف ! لقد اخبرته من قبل أنه شارك باستغلالها و عينيها الآن تخبره أنها حبيسة و تخشى أمر ما !!! أين تلك الفتاة السيئة التي تتباهى بوقاحتها كلما رأته ! و كأن شراستها المعهوة ماهي إلا سلاح يحميه و همس بجراءة متظاهرا بعدم الفهم
نعم
اتسعت عينيها تنظر إليه پصدمة من مماطلته و بللت شفتيها تحاول دفعه بيديها هامسة
ماينفعش كداا ! سيبني !
عقد حاجبيه حين دلف رائف إلى الغرفة فجأة وهو يقول
إيه ياعم آسر !! أن ا آآ اوبااا !!
تركها أخيرا و استقامت واقفة تهرع إلى الخارج و تضع يدها فوق وجهها من جهة رائف متجنبة النظر إليه و اختفت من الغرفة في لحظات !!!
حدق آسر به بهدوء منتظرا حديثه و بالفعل قال رائف بدهشة
إيه دا ياآسر !!!
رفع حاجبه و أجاب بهدوء
إيه !
اقترب رائف يضع مابيده فوق الطاولة وعقد حاجبيه يقول بجدية
هو إيه اللي إيه !!!! إيه المنظر دا ياآسر !!
زفر بملل وقال محاولا إنهاء النقاش
بقولك إيه يا رائف أنا مش ناقص تحقيقاتك ! منظر إيه كانت هتقع و لحقتها !
رفع حاجبه و ردد باستنكار واضح
هتقع !!!!!
كانت ملامح آسر ثابتة و عقله إلى الآن عاجز عن ترجمة مايحدث له ماذا فعل منذ قليل !! بل ماذا يفعل كلما اقتربت منه وكأنه يستغل قربها !!! أفاق على حديث صديقه الذي أنهى جدل أفكاره يقول
المرة الجاية و أنت بتلحقها افتكر أنت جبتها منين وليه !!!! ومتنساش أن الوقوع دا شغلتها أصلا ! التمثيل مش صعب على اللي زيها !
صديقه محق لا يوجد مجال متاح لأي أفكار أخرى أجابه قائلا بحزم
أنت دماغك راحت فين !!! فوق يارائف أنت عارف إن الحركات دي مش بتجيب معاياا و مليش في التسلية عشان اديها أكبر من حجمها !
لم يكن صديقه هو المستمع الوحيد بل اخترق الحديث أذنيها حيث كانت عائدة إلى الغرفة و داخل يدها علبة الكريم الخاص به تنفست بهدوء و جزت بقوة على أسنانها و نظرت إلى العلبة القابعة بين أناملها و هي
تفكر هل تعود و تضعها بالداخل حتى يعاونه صديقه بوضعه أم تغادر هذا المكان !!!!
عقدت حاجبيها حين هتف يوسف بصوت أجش يدل على استيقاظه للتو
معلش ياسديم أنا راحت عليا نومة تقريبا !
ابتسمت له بهدوء و قالت بلطف
لا ولا يهمك أنا متضايقتش من القعدة بالعكس خالص !
ثم رفعت العلبة تقول
أنا كنت داخله احط المرهم لأخوك بس كويس إنك جيت تعالى معايا بقااا !
ابتسم لها و قال بترحيب
آه طبعا يلا !
دلفت إلى الداخل تنظر إليه بهدوء و تراقب نظرات القلق فوق ملامحه هو وصديقه الذي قال بدهشة
أنت هنا لسه
أجاب يوسف على الفور ساخرا يظن أنه يقصد تواجدها بالمنزل بشكل عام
يااعم دي تقريبا الوحيدة اللي منامتش زي البيت كله حتى أنا اعتمدت عليها بصراحة ونمت و راحت عليا نومة بدل ما أبدل معاها !!
نظرت سديم إلى رائف الذي يجلس فوق المقعد الذي يجاور فراشه و الذي إلتوت ساقها عنده منذ قليل و سقطت داخل أحضان هذا اللعېن ! كانت نظراتها خاوية لكن حديثها أخبرهما أنها استطاعت سماع الكلمات بل و تملك قوى المواجهة والرد عليهما حيث قالت بتلميح واضح
أنا معملتش حاجة تستاهل يايوسف أي حد مكاني هيشوف حد مريض و محتاج مساعدة هيقف يتفرج عليه !
ثم أكملت موضحة
تعرف أميرة مثلا لو كانت هنا كانت هتقول عليا استغلالية و بمثل وكدا عقلية مريضة أوي في حالة زي دي ! مش متفق معايا يارائف ولا إيه
كان ينظر إليها بتوتر و خجل و لكنه قال بهدوء
طبعا عندك حق !
ابتسمت له وقالت بلطف حذر
اكيد عندي حق أصل أميرة مش بتستلطفني خالص عشان كدا دايما كلامها سخيف و مش بتحسبه معايا !! بس أنا مبردش
أصل مش أي حد يستاهل نرد عليه !
كان يوسف يضع الكريم فوق عنق أخيه بشرود لكن عيني آسر كانت ترتكز فوقها و قد امتزج لديه شعور الاعجاب بها و الڠضب من الموقف كانت تنصت إلى حديثهم مما أغضبه و أدهشته بقوة رد فعلها لقد قررت المواجهة و آثرتها عن الفرار و وضعت صديقه بموقف حرج و كأن الحديث انتهى عاجز عن الرد بل خرج خلفها حين خرجت من الغرفة الآن !!!!!
اتجهت سديم خارج منزله الصغير بخطوات سريعة غاضبة منه و من صديقه و من نفسها و كأن حالة من الاختناق تسيطر عليها داخل هذا المكان جلست معه حين وجدته لا يقوى على الوقوف بمفرده !!! و الآن يظن بها الظنون هو و صديقه و كأنها فتاة ليل أو باغية ! ماذا صنعت لتحصل على تلك الكلمات السامة مقابل معاونتها إياه !!!
أوقفها صوت رائف الذي قال فور استقراره أمامها
سديم أنا آسف ! أنت فهمتي غلط أن آآ
قاطعته تقول بحزم وڠضب
أنت اللي فهمت غلط أو مفهمتش أصلا طالما واثق في صاحبك أوي كدا و خاېف عليه من ممثلة زيي قوله ميقربش مني تاني و كان سابني وقعت و هقوم عادي مش مشكلة أنا
مرمتش نفسي في حضنه عشان تتكلم عني كدا أنا آه مش ملاك بس مش بالقرف اللي أنت صورته لنفسك دا خد بالك من كلامك عني بعد كدا عشان أنا مش بسيب حقي و لا بسكت عنه كلها فترة صغيرة اوي يخلص شغلي معاكم ومش عايزة اشو
وش حد منكم بعدها !
تركته و غادرت و لها كل الحق بل أنها اشعرته بالإحراج من كلماته ماذا فعلت ليتحدث عنها هكذا ! لقد عاونت صديقه طوال الليل ! إن كانت بهذا السوء ما الذي أجبرها على مراقبة حالة رفيقه كان يمكنها الاختفاء بعد إسعافه أو إيقاظ المنزل بأكمله لكنها لم تتسبب بإزعاج أحد و هو ازعجها بكلماته و أحكامه !!
دلفت إلى الغرفة و جلست فوق الأريكة بصمت تحدق بالفراغ و قد فرت دمعة من عينيها و لأول مرة يسيطر عليها شعور أنها لعبة ! مجرد دمية بين أنامل الجميع الخال و الأم و الأماكن التي ذهبت إليها و جميع من قابلها كان يتلاعب بها مثل الدمية حتى هو ! لا تعلم ما الذي دفعه إلى التحدث هكذا عنها و هي منذ أمس قلقه لشأنه كما لم تفعل من قبل ! أشفقت على وحدته و هيئته و هو فوق الأرض الصلبة غائب عن الوعي هل هذا هو الجزاء الذي تستحقه ! لم تنتظر التقدير لكنها أيضا لم تنتظر التحقير !!!
وما فائدة إنجازاتك في أماكن لا تشبهك ومع أشخاص لا تنتمي إليك !
وقفت تهمس لحالها و هي تتجه إلى غرفة تبديل الملابس
أنا هعرف اتعامل معاك ياآسر بس أخلص من اللي ورايا الأول !